سورة فصلت - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فصلت)


        


{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)}
{فَلِنَفْسِهِ} فنفسه نفع {فَعَلَيْهَا} فنفسه ضرّ {وَمَا رَبُّكَ بظلام} فيعذب غير المسيء.


{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آَذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47) وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48)}
{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ الساعة} أي إذا سئل عنها قيل: الله يعلم. أو لا يعلمها إلا الله. وقرئ {من ثمرات من أكمامهن}. والكم- بكسر الكاف- وعاء الثمرة، كجف الطلعة، أي: وما يحدث شيء من خروج ثمرة ولا حمل حامل ولا وضع واضع إلا وهو عالم به. يعلم عدد أيام الحمل وساعاته وأحواله: من الخداج والتمام، والذكورة والأنوثة، والحسن والقبح وغير ذلك {أَيْنَ شُرَكَآءِى} أضافهم إليه تعالى على زعمهم، وبيانه في قوله تعالى: {أَيْنَ شُرَكَائِىَ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص: 62] وفيه تهكم وتقريع {ءاذَنَّاكَ} أعلمناك {مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ} أي ما منا أحد اليوم- وقد أبصرنا وسمعنا- يشهد بأنهم شركاؤك، أي: ما منا إلا من هو موحدلك: أو ما منا من أحد يشاهدهم، لأنهم ضلوا عنهم وضلت عنهم آلهتهم، لا يبصرونها في ساعة التوبيخ وقيل: هو كلام الشركاء، أي: ما منا من شهيد يشهد بما أضافوا إلينا من الشركة. ومعنى ضلالهم عنهم على هذا التفسير: أنهم لا ينفعونهم، فكأنهم ضلوا عنهم {وَظَنُّواْ} وأيقنوا ما لهم من محيص. والمحيص: المهرب.
فإن قلت: {ءاذَنَّاكَ} إخبار بإيذان كان منهم، فإذ قد آذنوا فلم سئلوا؟ قلت: يجوز أن يعاد عليهم (أين شركائي)؟ إعادة للتوبيخ، وإعادته في القرآن على سبيل الحكاية: دليل على إعادة المحكى. ويجوز أن يكون المعنى: أنك علمت من قلوبنا وعقائدنا الآن أنا لا نشهد تلك الشهادة الباطلة، لأنه إذا علمه من نفوسهم فكأنهم أعلموه. ويجوز أن يكون إنشاء للإيذان ولا يكون إخباراً بإيذان قد كان، كما تقول: أعلم الملك أنه كان من الأمر كيت وكيت.


{لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50)}
{مِن دُعَاءِ الخير} من طلب السعة في المال والنعمة.
وقرأ ابن مسعود: من دعاء بالخير {وَإِن مَّسَّهُ الشر} أي الضيقة والفقر {فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} بولغ فيه من طريقين: من طريق بناء فعول، ومن طريق التكرير والقنوط أن يظهر عليه أثر اليأس فيتضاءل وينكسر، أي: يقطع الرجاء من فضل الله وروحه، وهذه صفة الكافر بدليل قوله تعالى: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} [يوسف: 87] وإذا فرجنا عنه بصحة بعد مرض أو سعة بعد ضيق قال: {هذا لِى} أي هذا حق وصل إلي؛ لأني استوجبته بما عندي من خير وفضل وأعمال برّ. أو هذا لي لا يزول عني، ونحوه قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءتْهُمُ الحسنة قَالُواْ لَنَا هذه} [الأعراف: 131] ونحوه قوله تعالى: {وَمَا أَظُنُّ الساعة قَائِمَةً} {إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية: 32] يريد: وما أظنها تكون، فإن كانت على طريق التوهم {أَنَّ لِى} عند الله الحالة الحسنى من الكرامة والنعمة، قائساً أمر الآخرة على أمر الدنيا.
وعن بعضهم: للكافر أمنيتان، يقول في الدنيا: ولئن رجعت إلى ربي إنّ لي عنده للحسنى. ويقول في الآخرة: يا ليتني كنت تراباً. وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة. فلنخبرنهم بحقيقة ما عملوا من الأعمال الموجبة للعذاب. ولنبصرنهم عكس ما اعتقدوا فيها أنهم يستوجبون عليها كرامة وقربة عند الله {وَقَدِمْنَا إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً} [الفرقان: 23] وذلك أنهم كانوا ينفقون أموالهم رئاء الناس وطلباً للافتخار والاستكبار لا غير، وكانوا يحسبون أنّ ما هم عليه سبب الغنى والصحة، وأنهم محقوقون بذلك.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10